🔬 توضيح حول الدراسة الحديثة عن علاج التوحد: بين الحقيقة والوهم
في الأيام القليلة الماضية، شهد العالم تغطية إعلامية واسعة حول دراسة تدّعي اكتشاف "حقنة للتوحد" في الصين، مما أثار الكثير من الجدل والاستفسارات. يبدو أنه من المهم جدًا تقديم بعض التوضيحات الضرورية حول هذه الدراسة.
الدراسة التي أجراها الباحث لي وفريقه، ونُشرت في مجلة 'Nature Neuroscience' المرموقة، تحمل أهمية علمية. ومع ذلك، فإن التفاصيل الحقيقية للدراسة ونتائجها تختلف كثيرًا عما قدمته بعض وسائل الإعلام.
إليكم توضيحين أساسيين حول هذه الدراسة:
(١)
تركيز الدراسة على حالة وراثية نادرة: تبحث الدراسة في علاج بتعديل الجينات لحالة Mef2c، وهي حالة وراثية نادرة مرتبطة بالتوحد وباضطرابات عصبية تطورية أخرى.
(٢)
مرحلة التجارب على الفئران: تم تنفيذ العلاج المحتمل على الفئران، وليس على البشر.
تعد هذه الدراسات العلمية خطوة مهمة في تطوير علاجات لاضطرابات نمائية عصبية مثل التوحد. ومع ذلك، فإن السرد المبالغ فيه الذي قدمته بعض وسائل الإعلام، الذي يصور الدراسة على أنها اكتشاف نهائي لعلاج التوحد في الصين، يعد مضللًا. يمكن أن يسبب هذا التضليل الارتباك والأمل الكاذب لدى العديد من الآباء والأمهات الذين يبحثون عن حلول لأطفالهم.
في مجال علاجات التوحد، حيث الأمل يفتح أبواباً واسعةً، تتزايد الحاجة إلى الحذر حيث أن هذا المجال الحيوي يتعرض للكثير من الأخبار المغلوطة، التي تستغل آمال وتطلعات الأهالي. لذلك، يُعد التمييز بين العلاجات الموثوقة وتلك الزائفة خطوة أساسية. سبق وأن ناقشنا بعض المؤشرات التي قد تدل على العلاجات غير الفعالة أو المضللة في هذا المجال.
https://www.ammaralbanna.com/blog/-3
من المهم أن ندرك أن علاج التوحد تتطلب نهجًا شاملًا ومعتمدًا على الأدلة العلمية، بعيدًا عن الوعود الفارغة والحلول المُبسطة. التوحد، كونه اضطرابًا معقدًا، يحتاج إلى فهم دقيق وعميق لطبيعته وكيفية التعامل معه. هذه الدراسة المذكورة هي خطوة في هذا المسار.
في الختام، يتعين على الإعلام أن يلعب دورًا مسؤولًا في تقديم و نشر نتائج البحث العلمي و أن نكون جميعاً حريصين على تحري الدقة والسياق الصحيح في كل ما ننشره، خاصةً عندما تكون لهذه المعلومات تأثيرات كبيرة على فهم الجمهور وآمالهم.
الدراسة:
Li, WK., Zhang, SQ., Peng, WL. et al. Whole-brain in vivo base editing reverses behavioral changes in Mef2c-mutant mice. Nat Neurosci (2023). https://doi.org/10.1038/s41593-023-01499-x